يتموقع *سوق العاصر* في الجهة الشمالية لقسنطينة العتيقة وغير بعيد عن باب القصبة وعن جسر سيدي مسيد المعلق يستقطب أعدادا هائلة وغفيرة من المتسوقين مثلما عرفه في أجمل وأحسن سنوات سيرتا القديمة وهو موقع تجاري يحافظ على الطابع الذي كثيرا ما صنع سره وسحره وسط حركية نشطة للزبائن المتسوقين لسوق العاصر المشهور بأسعاره المعقولة إلى درجة تمت تسميته بسوق *الزوالية* .
وظل هذا الفضاء التجاري يحتفظ بأوقات مجده منذ تاريخ نشأته التي تعود إلى ماض بعيد حيث تباع فيه منتجات وخضروات طالما صنعت شهرة فن الطبخ القسنطيني العريق ومصدر تموين بالنسبة للكثيرين وقتها وكان هذا السوق يستقبل صباح كل يوم في الماضي منتجات عديدة ومتنوعة من بساتين حامة بوزيان أي المتعة التي كانت تشتهر بمنتجاتها من الخضروات مثل *الجيروات* أي القرعة الطازجة والتي لا تزال تحتفظ بزهرتها والتي تعدت شهرتها حدود الوطن بدون نسيان خلال الربيع باقات زهرة *البليري* حيث تكثر منتجات الريف مثل *الخرشف*و*الحرشة* وكان ذلك قبل أن تشهد بساتين حامة بوزيان الغناء في تلك الفترة وتتعرض للجفاف جراء نقص مياه السقي وغزو الاسمنت المسلح للأراضي الفلاحية التي تنامت فيها البنايات الإسمنتية وذلك على حساب البيئة وصحة سكان الحامة.
كما أن السكان المرحلون إلى مناطق عمرانية جديدة كمدينتين علي منجلي و ماسينيسا مازالوا أوفياء لسوق العاصر ويعود ذلك بالنسبة للبعض إلى عامل التعود لاقتناء ما يحتاجونه من خضر وفواكه تحديدا من هذا الفضاء التجاري فيما يرجع آخرون ذلك إلى الأسعار المطبقة والمعقولة التي يشهرها الباعة بهذا السوق وذلك على حساب جودة المنتوج من الخضر والفواكه.
ويتعدى سوق العاصر طابعه التجاري لكونه موقعا تاريخيا لاحتضانه معالم هامة مثل مسجد*الكتاني* الذي هو في إطار الترميم و الذي أسسه صالح باي أحد أكبر بايات قسنطينة والذي كان مدرسة حرة إذبان فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر والتي درست بحجراتها الدراسية شخصيات تقلدت بعد الاستقلال مناصب سامية في هرم الدولة أمثال الرئيس الراحل هواري بومدين وعلي كافي .