رأي حر

وجهة نظر الأستاذ الدكتور زهدي الزمر دلالة الكلمات ومعانيها في قصيدة الهايكو

                                 نصوص قصائد الهايكو تتضمن أنواع كثيرة من المعاني، وهناك الذين ينكرون ما لا تدركه الحواس، واعتبروا كل ما لا يشير او يرمز الى ما تقع عليه الحواس باطل ، وأن شعراء الهايكو لا يعبرون عن أشياء موضوعية حولهم بمعزل عن حالاتهم النفسية لما ينطوي على عواطف ورغبات الشاعر وهو في حالة وجدانية بحتة .

يحدثنا شاعر الهايكو بكلمات قليلة عن أشياء لا تحسه أيدينا ولا تراه عيوننا ، لكنه ينتج خيالات وقيم دون أن يصف شيئاً او يعرفنا مباشرة بها ، لأن للكلمات وألفاظها في قصيدة الهايكو لها وظيفتين : الأولى هي الوظيفة الوصفية ، أن الكلمات في قصيدة الهايكو ليس لها مهمة وصفية وهنا نجد أن الكثير من الكلمات في القصائد لا يمكن تحليلها او تعريفها من غير أن تكون مدركة حسياً ، إذ أن العمل الجيد في قصيدة الهايكو يشبع لدى المتلقي حاجة من غير أن هذا الإشباع يكون على حساب رغبة أخرى ، فالشاعر يتغلب على هذه الناحية بما يملك من إمكانيات خلاقة لإعطاء كلماته وتعبيراته استقلالا عن نفسه لمواجهة الصعوبات التي تواجهه في أثناء بناء قصيدته لأن قصائد الهايكو تتضمن دلالات متضاربة ، لذا يتخذ الشاعر خطوة إجرائية بتمييز الأفكار غير الواضحة التي تضمنتها القصيدة ، ولا يمكن للمتلقي او القارئ أن يقتنع بوجود تفسير واحد او قراءة واحدة لأن الشعر يتمتع بمرونة خصبة لا تنفد فتكتسب أهمية بالغة من تعدد الدلالة او من خلال الإمكانيات والاحتمالات التي تنطوي عليها القصيدة لأن ذلك كله يساعد الشاعر على أن يتعمق أبعد مما لديه مما يجعله يبحث عن دلالات متنوعة لاختيار معان ٍ دون غيرها .

إن هذه المعاني الوسيلة التي تمكن الشاعر أن يرى بصورة أكثر وضوحاً طبيعة جزء أساسي من دلالة الكلمات من أجل فهم أشياء يستحيل فهمها من غير ذلك ، فالمتلقي يقرأ قصيدة الهايكو من أجل أشياء من كلماته الأساسية من خلال اهتماماتنا لتنظيم تلك الكلمات ، إذ لا يمكن فهم لغة الشعر بصورة جيدة بمعزل عن تمحيص كلمات القصيدة التي ستستخدم في بناء القصيدة لأن الكلمات تغبر معانيها لكي تتوافق مع القصيدة حيث يعتقد بعض الناس أن معنى الكلمات واحد في كل الاستخدامات ، وعلى هذا الأساس فإن النص لغة ، والنص يمتلك من القدرة التي تمكنه أن يحتفظ بمعنى مختار ومقصود بشكل مستقل ،

يرى ” عبد القادر الجرجاني ” (أن النص الشعري جسد حي وأن حيوية الجسد كمجموع متميز من حيو ية أجزائه ) فالنص الأدبي يجعل الكلمة سياقاً يدخل في سياق ذهني يعبر عنه .

اما الوظيف الثانية للكلمات فهي الوظيفة الحرفية ،الكلمات في قصيدة الهايكو مرنة تتعدل وتتشكل باستمرار إذ تمتلك الوظيفة الحرفية للكلمات سرا يكمن فيها وهو الدلالة المجازية وتلك إمكانيات لا تعمل بعيداً عن الدلالة الاستعارية او المجازية لأن هنالك تبادلاً بين المواقف في بناء القصيدة فتكون الدلالة هنا ليست حكماً عقلياً او منطقياً ، بل هي دلالة وجدانية او روحية او خيالية ، كما أن سياقاً واحداً فد يختصر الحاجة الى معانٍ او دلالات متنوعة إن إستخدام الكلمات عاطفياً بقصد التعبير عن المشاعر او المواقف او استنهاضها ، ترك المعنى يختار الكلمة وليس العكس ، ، فاللغة الشعرية تعرف من خلال الكلمات وفعاليتها وأحاسيس الشاعر وانفعالاته وليس من خلال الواقع او الموضوع مما يجعل اللغة سابقة على الوعي .

يجدر بنا في هذا السياق التمييز بين اللغة والكلام ، لأن اللغة النظام الشمولي الذي ينتج عدداً لا يحصى من أفعال الكلام ، بينما الكلام يعني الاستخدام اللغوي المشتق من النظام الشمولي والمستند عليه ، فالشاعر الهايكست يستخدم الفعل اللغوي المحدد إذا ما تركز على المتكلم تكون للكلام وظيفة عاطفية ، اما إذا تركز الفعل على السياق كحالة مشتركة بين المتلقيين او المتخاطبين تكون وظيفته مرجعية ، فالوظيفتان تتفقان مع الشكل التعبيري ونمط المحاكاة ، هذا بالإضافة الى ما يسمى بالوظيفة الشعرية التي تكون كامنة في القصيدة .الأستاذ * زهدي الزمر شاعر وناقد وعضو// نادي هايكو المغرب الكبير

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
خارطة طريق الإعلام الجزائري لمجابهة الحملات التي تستهدف الجزائر الرابطة الثانية هواة/ نتائج الجولة (24): تبسة / العائلات التبسية تستعد لاستقبال عيد الفطر المبارك قسنطينة / وفاة شاب بعد اصطدام بين سيارة ودراجة نارية ببلدية الخروب الطارف/ الشرطة تطيح بعصابة اجرامية مختصة في سرقة المساكن الطارف/ اللجنة الدينية لمسجد الفرقان بداغوسة تناشد السلطات للتدخل العاجل لإنقاذ البيئة وصحة السكان ... تصفيات كأس العالم، 2026/ بوتسوانا (1) الجزائر (3). وزير الاتصال يؤكد على ضرورة تشكيل جبهة وطنية إعلامية للدفاع عن صورة الجزائر جيجل / اجتماع المجلس التنفيذي للولاية/قطاع التربية على طاولة الوالي قسنطينة / حجز 5 أطنان من مستحضر السكاكير غير صالحة للإستهلاك البشري من داخل ورشة العاصمة/ توقيف مسن في قضية جناية احتجاز إمرأة وتعريضها للتعذيب ميلة / إحياء الذكرى 63 لعيد النصر 19 مارس 1962 الطارف / الذكرى الثالثة والستون ليوم النصر :"على خطى الانتصار وفاء لمسيرة الأحرار" سكيكدة / تنصيب اللجنة الولائية المشتركة لتعزيز التعاون بين وزارة الشباب والكشافة الإسلامية الجزائرية قسنطينة / جمع 975 كيس من الدم بمساجد قسنطينة